رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
يتبادلان النظرات المشفرة التى لا يعلم معناها إلا هن فقط!
خرجت أم بلال تودعهم وأغلقت الباب خلفها بابتسامة كبيرة وهى تشعر انها قد حققت هدفا فى مرمى حياة ولدها المستقبلية جلست عبير على الكرسى التى جلست عليه فى المرة السابقة وهى مازالت تنظر لأمها متعجبة نهض بلال وأخذ نفس المقعد الصغير ووضعه قريب منها كما فعل فى المرة السابقة وهو يقول بجدية مفاجأة
نظرت له نظرة خاطفة وقالت بقلق
يعنى ايه
تابع بنفس الجدية
انا مش قلت عاوزك تعتمدى على نفسك فى الحركه ومحدش يساعدك .. ليه شايفك داخلة دلوقتى متسندة على والدتك
قالت عبير بخفوت وهى تنظر للأرض
ده دلوقتى بس لكن فى البيت لاء
أومأ برأسه ونهض من مكانه أحضر كرسيا آخر له مسند غير الذى تجلس عليه وقال بحزم
شعرت عبير بصعوبة وهى تنهض بمفردها ولكن ليس هذا ما تشعر به فقط وليس هذا هو سبب توترها لا
تعلم لماذا ترتجف عندما يتحدث إليها بشكل مباشر هل لأنها غير معتادة على أن رجل غريب يتحدث إليها بشكل مباشر أم لشىء آخر لا تعلمه !
أتجهت إلى حيث أمرها فابتعد عن مقعدها وتركها تجلس وأتى بمقعده ووضعه أمامها ..جلس عليه وهو يقول
أومأت برأسها موافقة ورأته يرفع ساقه ويمدها أمامه ببطء شديد ويعيدها إلى مكانها ببطء مرة أخرى فشعرت أنها لن تستطيع فعل ذلك التمرين يبدو سهلا ولكنه بالنسبة لمن يعانى من كسر جديد فى قدمه فهو صعب للغاية
قال متابعا
يالا هتفردى رجلك ببطء على عشر تسبيحات وترجعيها مكانها تانى ببطء برضة على عشر تكبيرات ..أتفقنا
ازاى يعنى
قال بابتسامة عذبة
يعنى ياستى بدل ما نقول نرفع رجلينا ببطء على عشر عدات أو عشر دقات ..لاء أحنا هنعمل التمرينات على ذكر الله وكده التمرينات يبقى فيها بركة وفى نفس الوقت أخدنا ثوابها
أبتسمت عبير من خلف نقابها وتبادلا أمها وأبيها النظرات وألتفتا مرة أخرى إلى الدكتور بلال وهو يقول
وبدء فى رفع ساقه ببطء قائلا
سبحان الله ...سبحان الله ...سبحان الله ....
ثم أعادها إلى حيث كانت مرة أخرى ببطء أيضا وهو يقول
الله أكبر... الله أكبر .... الله أكبر....
جاهدت عبير لفعل ما أمرها به ولكنها كانت خجلة وهى تسبح وتكبر بصوت هامس وخجول
كان بلال يتابعها فى صمت وهو يستمع إلى صوت تسبيحها الهامس وتكبيرها الخفيض شعر بصوتها يسرى بداخله ويتغلل بين جنباته يسبح بين طيات قلبه بانسيابية ويسر أفاق من شروده على صوتها الخجول وهى تقول بأجهاد
رفع رأسه لها منتبها ثم قال وهو ينهض مبتعدا
لاء هنكرره تانى ...
جلس خلف مكتبه وتركها تكرر التمرين وحدها وأخرج بعض الصور الملونة المطبوعة بحرفية وقدمها لوالدتها ووالدها قائلا
دى صور لبعض التمارين المهمة ..لازم تعملها بمساعدة حد فى الأول
نظر إلى والدتها قائلا
حضرتك ممكن تساعديها بسهولة فى البيت .. والورق ده فيه كل الخطوات وهو سهل ان شاء الله.
أنتهت الجلسة على وقت أذان العشاء ذهب بلال ووالد عبير إلى الصلاة بينما صعدت عبير وأمها إلى أم بلال التى كانت تنتظرهما فى شقتها وقبل أن يطرقوا الباب قالت عبير هامسة لوالدتها
هو فى ايه يا ماما من أمتى وانت بتحبى الحجامة
طرقت أمها الباب وهى تضغط على يدها قائلة
حبتها.. مالكيش دعوة
وضعت أم بلال أكواب العصير مرحبة بالزائرتين وبدأت فى وضع الكاسات الهوائية فى أماكن معينة فى جسد عبير وهى تتفحص وجهها وجسدها بنظرات خبيرة قائلة
ماشاء الله يا عبير انت زى القمر
أبتسمت عبير فى خجل ولم ترد فقالت أمها و قد لمعت عينيها بسعادة
عبير طول عمرها مهتمة بنفسها بس البتاع اللى حاطاه على وشها ده هو اللى مخلى محدش بيشوفها ولا يعرف شكلها ايه
قالت أم بلال وهى تضغط الكاسات الهوائية على قدم عبير
اللى يستحق يشوفها ويشوف جمالها هو اللى ربنا كاتبله يبقى جوزها مش الناس اللى ماشية فى الشارع يا ست أم عبير
ثم رفعت رأسها لعبير قائلة
يالا بقى علشان أعملك حجامة على ضهرك كمان بالمرة كده
أحمر وجهها وهى تقول بحياء
لا معلش يا طنط مش هينفع اقلع البلوزه
نظرت لها أمها بحدة وقالت آمره
دى ست زيك يا عبير هتكسفى من الستات برضه
هزت عبير رأسها وقالت معاندة
معلش بجد مش هينفع مقدرش والله
كادت أمها أن تعترض ولكن أم بلال منعتها قائلة بحسم
خلاص يا بنتى مفيش مشكلة .. لما نعرف بعض كويس مش هتتكسفى مني
أزالت الكاسات عن قدمها ومسحت بعض الډماء وهى تسمع أم عبير تقول متسائلة
هو اللى بيعمل الحجامة دى لازم يكون متخصص
قالت أم بلال باهتمام
بلال هو اللى علمهالى بما أنه دكتور .. ساعتها قالى أن فى دورات بتتاخد فيها واللى بيدى الدورات دى دكاترة واللى بياخد الدورات دى بيبقى معاه شهادة معتمدة أنه عنده علم بيها لأن فى أماكن فى الجسم خطړ أى حد كده يقرب منها لازم يكون دارس.
بعد أنتهاء صلاة العشاء عدلت عبير هندامها ووضعت غطاء وجهها وأنتظرت حتى أنتهت الصلاة وانصرفت بصحبة أمها مودعة أم بلال التى ودعتهم بابتسامة متفائلة على وعد باللقاء
أحتضنت دنيا أم فارس وهى تقبلها هى ووالدتها و تعزيهما فى فقد الزوج والوالد والركن الشديد ومظلة الحماية لعائلتهم الصغيرة وبعد وقت قصير باغتتهم والدة دنيا بقولها
ها يا فارس حددت معاد مناسب ولا لسه
نظر إليها فارس منتبها لكلماتها وتبادل نظرات صغيرة مع والدته ثم نظر إلى دنيا وقال
رأيك ايه يا دنيا وأيه المعاد اللى يناسبك
قالت دنيا متلعثمة وهى تتجنب النظر إلى عينين والدتها المصوبة إليها بحدة
المعاد اللى ماما تحدده
حاول فارس أن يخفى ابتسامته فهى غير مناسبة للموقف وقال
أول ما اخلص امتحانات الماجستير على طول .. كويس
ونظرت والدة دنيا إلى والدة فارس تسألها
أيه رأيك يا حجة
قالت أم فارس مرحبة ومندهشة فى نفس الوقت
كويس أوى
ظهرت علامات الأرتياح على وجه والدة دنيا ونظرت لفارس وقالت بصدق
كتب الكتاب هيبقى على الضيق كده.. فى البيت يعنى.. متفتكرش انى طالبة منك فوق طاقتك .. وأنا عن نفسى مش عاوزه غير أنى اطمن على بنتى أنى لو مت وسبتها تبقى مع راجل يقدر يحميها ويتحمل مسؤليتها والحاج الله يرحمه كان دايما بيقول عليك قد المسؤلية
لمعت عينى فارس تأثرا وأطرق برأسه حزنا على فقد هذا الرجل الذى كان يتمنى أن يمتد به العمر أكثر ليثبت له أنه عند حسن ظنه به بينما قالت والدته
الله يرحمه
أخبرته والدة دنيا برغبتها فى بقاء دنيا معها هذه الفتره وبعدم رغبتها فى عودتها للمكتب وطمئنها فارس بموافقته وأن الدكتور حمدى ليس لديه أى مانع وأنه يقدر ظروف دنيا بعد ۏفاة والدها.
جلس بلال إلى والدته بعد عودته ليلا وعلى وجهه سعادة كبيرة لما يسمعه منها عن عبير ووالدتها وقال بلهفة
بجد يا أمى يعنى انت فعلا حسيتى انها مرتحالى .. طيب افاتحهم فى الموضوع أمتى
ضحكت والدته وهى تقول
ومالك مستعجل أوى كده ده انت يدوب شفتها كام مرة
ثم ضحكت مرة أخرى وهى تستدرك
قال شفتها قال
ضحك بلال لدعابة
متابعة القراءة