رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن

موقع أيام نيوز


بيقول أنا مش عارف هو ده مكتب محاماه ولا جامع ..
انتبه فارس متذكرا وهو ينظر غلى الرجل وقد عرفه وقال بدهشة 
مش معقول
أومأ الرجل براسه وهو يقول 
شفت بقى الدنيا صغيرة ازاى 
أطرق فارس مفكرا وقد شعر برفض طلبه قبل أن يطلبه وحاول أن يبحث عن مخرج آخر لعمرو الذى كان ينظر إليهما بحيرة ودهشة لا يعرف ماذا يقول .. قطع مفتش الاثار شروده وهو يقول موجها حديثه لفارس 

أؤمرنى يا أستاذ فارس حضرتك كنت جايلى ليه
رفع فارس رأسه ببط ونظر فى عينيه وهو يقول بأحباط 
الحقيقة أنا كنت جاى متحمس بس دلوقتى مبقتش عارف هتساعدنى ولا لاء
نظر له الرجل بابتسامة ونهض من خلف مكتبه وجلس على المقعد أمامه ووضع يده على قدم فارس وهو يقول ممتنا 
أنت ليك جميل فى رقبتى عمرى ما هنسهولك ابدا
علت الدهشة وجه فارس وهو ينظر إليه بصمت فأردف الرجل قائلا
أنا بعد ما مشيت من عندك فكرت فى كلامك كويس وضميرى فضل ينقح عليا وانا بسمع كلامك عمال يدور جوا عقلى وفضلت طول الليل صاحى مش عارف اسمع اى حاجه غير الحوار اللى دار بينا فى المكتب عندك ... 
حسيت انى ندل وأنى كنت هلوس سمعت ست شريفه عاشرتها سنين طويلة مشفتش منها غير كل شرف وامانه .. 
كنت هضيع مستقبل ولادى وسمعتهم علشان العند .. علشان بس أثبتلها أنها مش هتاخد منى حاجه ڠصب عنى بالمحاكم .. 
واكتشفت انى مقدرش استغنى عنها وان الموضوع كله كان عند فى عند .. 
روحتلها واعتذرتلها واتصالحنا ومن يومها وانا شايلك جميلك ده فى رقبتى وبدعيلك ليل نهار ...
رغما عنه لمعت الدموع فى عينيه وهتف فى قلبه 
يااااه يا ما أنت كريم يارب .. صحيح اللى عند ربنا مبيضعش ابدا
ربت الرجل على قدمه مرة اخرى وقال مطمئنا 
قولى بقى أنت عاوزنى اساعدك فى ايه وانا رقبتى ليك
خرج فارس وعمرو من هيئة الاثار وقد بدت السعادة فى عينيى كل منهما وقال له فارس بحماس 
شفت بقى مش قلتلك أن ربنا مش هيسيبنا ابدا
رفع عمرو يده للسماء وهو يقول 
الحمد لله يارب .. 
ثم نظر إلى فارس متسائلا وهو يقول 
ودلوقتى المفروض هنعمل ايه الخطوه اللى جايه
ابتسم فارس بمكر وهو يقول 
الخطوة الجايه هما اللى هيعملوها مش أحنا وساعتها هيبقوا كتبوا نهايتهم باديهم
بمجرد أن انتهى مفتش الاثار من وضع الملفات التى بيده فى درج مكتبه حتى سمع طرقات خفيفة على باب حجرته 
ورأى رجلين يراهما لاول مرة ... مد نادر يده يصافحه وهو يقول 
أقدملك نفسى مهندس نادر 
واشار إلى صاحبة وقال 
وده الاستاذ باسم المحامى .. 
واردف قائلا 
عاوزين حضرتك فى كلمتين وهنمشى على طول 
ابتسم مفتش الاثار إليهما ابتسامة واثقة وقال 
اتفضلوا .. خير يا بهوات
بدأ نارد فى مساومته فى التقرير الذى سيقدمة للنيابة عن قطعة الاثار ولكن الرجل تظاهر بالتردد قائلا بحنكة 
بس المبلغ ده صغير اوى على العمليه دى
تدخل باسم وحاول اقناعه بطريقته الخاصه فى الحديث وانتهت المقابله على وعد منه بالتفكير قائلا
ادونى يومين افكر وبعدين تجولى نتكلم فى التفاصيل
تبادل باسم ونادر نظرات الانتصار وقال باسم 
يبقى اتفقنا معادنا بعد يومين
خرج نادر بصحبة باسم من عند الرجل الذى تبسم بثقة وهو يخرج هاتفه النقال ليجرى اتصالا هاما ....
أيه أنت مش هتروح بيتك ولا ايه ... قال فارس تلك العبارة وهو يمشى بجوار عمرو الذى كان يسير بجواره فى
طريقة إلى بيت والدته ..
فقال عمرو
لا أنا هبات عند أبويا النهارده أصل حماتى تعبانه شويه ومراتى وأختها بايتين عندها
ثم ألتفت إلى فارس وقال متسائلا
وأنت مش رايح المكتب 
هز فارس رأسه نفيا وقد علت قسمات وجهه سحابة حزن وقال 
ماليش نفس اعمل حاجه خالص يا عمرو ..أنا هروح البيت يمكن اعرف اشوفها ولا أكلمها
ربت عمرو على كتفه وحاول أن يكون مرحا وقال 
أنا مكنتش أعرف أنك هيمان اوى كده يا عم فارس
ألتفت إليه فارس بصمت حزين ثم سار فى طريقه.. ودعه عمرو دخل بيت والدته بينما دلف فارس إلى بنايته المقابلة له صعد الدرج ولكنه لم يطرق باب شقته وأنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل .. 
افتقدها بشدة يريد ان يملىء عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله ..
وأخيرا وضع رايته مستسلما وهبط درجات السلم مرة اخرى متوجها إلى شقته .. 
وضعت والدته طعام العشاء امامه على المائدة وهو شاردا فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه امام صدره وقد تقابلا حاجبيه بشدة .. 
وضعت يدها على يده وهى تقول بهدوء 
مش هتاكل يا فارس
أوما برأسه وأمسك ملعقته وظل يعبث فى طبقه الذى امامه وهو مطرق الرأس وقد عاد إلى وجومه الدائم فقالت 
يابنى مش كده ده انت مكلتش من امبارح ولا بتدوق طعم النوم حتى
تنهد بقوة وقال بأسى 
مش عارف اعمل ايه يا ماما ياريتنى ما كنت كتبت الكتاب كنا عملنا الفرح على طول
رفع رأسه إليها وهو يقول بضعف 
ماما أنتى مبتشوفيهاش خالص
شدت على يده وهى تقول بسعادة مصطنعة
شوفتها النهارده وهى نازله مع مرات ابوها وكان شكلها باين عليه أنها كويسه 
نظر إليها بلهفة وقال على الفور 
كلمتيها
ابتسمت وقالت 
كلمتها وهى مرات ابوها هتمنعنى أكلمها كمان.. وبتسلم عليك وبتقولك متقلقش عليا
خفق قلبه وضغط على يد والدته دون أن يشعر وهو يقول 
بجد يا ماما بجد كويسه
ابتسمت والدته وهى تؤكد له ما قالته ثم عادت لتكمل طعامها فى صمت بعد ان رأته قد بدأ فى تناول طعامه ..
نظرت إليه نظرة خفية بأسى وهى تهتف داخلها .. اقولك ايه بس يابنى اقولك الورده دبلت فى يوم وليلة من كتر الهم والبكى ..
وقفت مهرة فى الليل فى نافذتها ترجو ان تراه ولو لمرة واحدة تطل برأسها للأسفل بشدة لعلها تلمح ظله فتفاجأت بصوت زوجة ابيها تقول ساخرة 
أدخلى من الشباك يا بت انتى ابوكى قال مفيش واقفة فى الشبابيك
ألتفتت إليها مهرة وعادت إلى الوراء وأغلقت النافذة بهدوء فهى لا تريد أن تدخل فى مجادلة كلاميه مع هذه المرأة على الاطلاق .. جلست على الفراش بعد أن اغلقت النافذة وتناولت احد الكتب بجوارها وشرعت فى قراءتها فنظرت إليها زوجة ابيها نظرات ساخرة وعادت ادراجها من حيث أتت .. بعد قليل دخل يحيى بعد طرق الباب عليها وأطل بوجهه فتبسمت له وقد لمعت الدموع فى عينيها فاقترب منها وجلس بجوارها وامسك يدها وهو يقول بإشفاق 
متزعليش نفسك بكره ابوكى يصفى ويرجع فى كلامه
انسابت العبرات على وجنتيها وهى تقول متسائلة 
ماما عامله ايه
أومأ براسه وهو يقول 
ما انتى عارفه انها قاعده عند خالتك وبتسلم عليكى وبتقولك متزعليش منها هى مشيت وسابتك فى ساعة ڠضب ومعرفتش ترجع تانى لما ابوكى جاب مراته هنا
أطرقت براسها وقالت له متسائلة 
وانت يا يحيى قاعد فين دلوقتى
قال مبتسما 
عند واحد صاحبى هو مش من هنا اصلا من الارياف .. ومأجر أوضه هنا علشان الدراسه وانا قاعد معاه ومرتاح متقلقيش عليا
أطرقت برأسها ثانية وهى تقول باسى 
يارب دايما تبقى مرتاح يا يحيى
نظر إليها بشفقة ورفع وجهها إليه بيده وقال مبتسما 
هخاليكى تشوفيه متزعليش
أمسكت ذراعيه بلهفة وهى
 

تم نسخ الرابط