رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
بؤك وارم خالص.. أرتاح النهاردة
هبطت دنيا على سلم مبنى مباحث أمن الدولة بعد أن قدمت بلاغها وقالت ما حفظته سابقا بالاتفاق مع باسم ..ألتفت إليه وهو يهبط بجوارها ونظرت إليه بأشمئزاز وهى تقول
المفروض أيه الخطوة اللى جايه
قال باسم وهو ينظر أمامه بتفكير
هتروحى البيت دلوقتى وتحاولى تعطليه علشان ميروحش المكتب النهاردة.. والنهاردة قبل الفجر هيعملولوا زيارة ليلية
بسرعة كده
وقف أمام سيارته والټفت إليها قائلا
الناس دى مش محتاجة تحريات .. وجوزك سهل علينا الأمر وساب دقنه .. وده دليل اتهام كافى علشان يبقى أرهابى يا مدام .. أنت مش عايشة فى البلد دى ولا أيه!
عاد فارس للمنزل فى آخر اليوم بعد أن ودعه عمرو وبلال عند باب المنزل وتركاه وأنصرفا ... ضړبت والدته على صدرها وهى تنظر لفكه المصاپ وقالت بلوعة
لف ذراعه حول كتفها وهو يقول مداعبا
متقلقيش كده يا ماما دى أصابة ملاعب
حاولت أن تتحسس مكان الأصابة قائلة
أنا بكلم جد.. مين اللى عمل فيك كده
حاول أن يضحك ولكنه تألم وقال
الواد عمرو الله يخربيته.. ده مش بيلعب ده بيطبش.. صحيح على رأى المثل ألعب مع اللئيم ومتلعبش مع العبيط
أنت مش قلتى هتباتى يومين هناك
قالت
رجعت فى كلامى.. بس انت مين عمل فيك كده
تركها واستدار ليجلس على المقعد وقال
مفيش دى حاجة بسيطة .. بكره هبقى كويس ان شاء الله
خفق قلبها هى تقول
يعنى مش هتروح المكتب النهاردة
طب خلاص ارتاح انت وانا هلبس وأروح دلوقتى وهبلغه باللى انت عايزة
بدلت ملابسها فى غرفتها وهى شاردة الذهن يكاد قلبها أن يقفز من حنجرتها من شدة الخۏف من المستقبل نظرت لنفسها فى المرآة فوجدت علامات الريبة تحتل ملامحها وصدق من قال ..يكاد المريب أن يقول خذونى ..حاولت أن تتماسك وتجمدت ملامحها وخرجت من الغرفه ووقفت أمامه تنظر إليه كأنها تودعه وقالت
أشار إليها قائلا
متنسيش تبلغى السكرتارية يتصلوا بالراجل صاحب القضية ويبلغوا رفضى علشان يجى ياخد ورق القضية ويلحق يشوف محامى تانى
أومأت برأسها واتجهت للباب فاستوفقها مناديا
دنيا
وقع قلبها بأخمص قدميها وهى تلتفت إليه بعينين زائغتين فقال
ساعتين بالظبط وارجعى .. متتأخريش علشان مترجعيش بالليل متاخر لوحدك
حاضر
ذهبت دنيا للمكتب وحضر إليها وائل واتفقا على تنفيذ الخطوات الاحقة .. ستتصدر هى القضية وسيتولى هو وباسم أمر الشهود وأمر ورقة التحريات التى ستنتزع من ملف القضية لتصبح منعدمة الأدلة خاڤت دنيا أن تعود للبيت وهى تعلم ما سيحدث قبل الفجر بدقائق أتصلت بوالدة فارس وأبلغتها أنها ستضطر إلى الذهاب إلى شقة والدتها لانها قد نسيت هاتفها وبعض أشياءها الخاصة هناك وربما ستضطر للمبيت لم توقظه والدته لتخبره بامرها وعزمت أن تخبره فى الصباح خوفا من ردة فعله وهو منهك ومصاپ هكذا
دقت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ولكنها لم تدق وحدها لقد تبعتها دقات عڼيفة على باب المنزل ..أستيقظ فارس فزعا وكذلك والدته ولكن الدقات لم تنتظرهما كسر الباب عنوة ليدخل زوار الفجر إلى المنزل باندفاع محطمين ما فيه يبحثون عن أى شىء يدينه ظل ېصرخ بهم وهو يحمى والدته بذراعيه
أنتوا مين وبتفتشوا على أيه وفين أذن النيابة
خرج أحد الرجال من المطبخ وهو يرفع سکينة كبيرة قائلا
لقيت سکينة دبح كبيرة يا فندم وورق ألمونيوم
هتفت والدته
وفيها أيه دى حاجات المطبخ
خرج رجل آخر من الشرفة وهو يقول لنفس الرجل
لقينا تراب فيه حبات ظلت صغيرة يا فندم
تناول الضابط الذى كان يلقى الأوامر للجميع الأشياء الثلاث وقال موجها كلامه لفارس
رمل وظلت وورق المونيوم ..أنت بتصنع قنبلة يديوية فى بيتك ولا ايه
أدرك فارس أنه مأخوذ لا محالة وأن دفاعه عن نفسه لن يجدى فقال بهدوء
ده مش رمل ده تراب بنزرع بيه فى البلكونه قصارى الزرع بس انا عارف
انه هيتكتب رمل
أومأ الرجل برأسه ساخرا وقال
شاطر
ثم صړخ فى الموجودين جميعا ...هاتووا
وقف بلال يسد باب غرفة نومه بعد أن هتف بزوجته آمرا بارتداء ملابسها فورا وبأقصى سرعة أرتدت عبير ملابسها وهى تصرخ به
مش معقول هيدخلوا عليا الأوضه وانا كده
صړخ بها
ألبسى بقولك بسرعة
وبسرعة البرق وقبل أن يتكاثر عليه الرجال ويدفعوه بقوة ليدخلوا غرفته كانت قد وضعت نقابها على وجهها ..دفعهم وهو يمر من بينهم ليحميها منهم وهم ينقضون على فراش السرير ليمزقونه بالمطواة ويخرجون ما به ويقلبون الخزانات والملابس التى بداخلها فيمزقونها عنوة أحاطها بذراعيه هى ووالدته وأبناءه من خلفه..لقد كان كل همه أن لا تنكشف زوجته ولا أمه على أحد منهم وعبير تردد بجسد مرتجف وهى متشبثة بظهره
اللهم اكفيناهم بما شئت وكيف شئت ...
وبعد أن انتهوا تكاثروا عليه مرة أخرى ليأخذوه معهم .. حاولت والدته أن تتشبث به تمنعهم ولكنهم لم يراعوا حرمة ولا امرأة عجوز .. دفعوها بمنتهى العڼف وهم يقذفونها باقذع الألفاظ لتسقط على رأسها مغشيا عليها فى الحال وخرجوا وتركوا البيت فى حالة دمار ..أمرأة مغشيا عليها وأخرى ترتعتش وتنتفض وتنتحب زوجها وحبيبها وأطفال ېصرخون أبيهم ... أما عند عمرو فلم يكن الأمر بأقل منهما شأنا دمارا فى كل مكان وأثاثا مبعثر وممزق فى كل مكان ومحطم وامرأة خلفها زوجها صاړخة باكية جزعة تنادى على زوجها فلا تجد من يرد النداء .
كيف تنام العيون وقد فقدت كل الأحبة فى ليلة واحدة كيف ترتاح القلوب بين الصدور اللآهجة ..ألتف الجميع حول النساء الثكالى فى بيت أم فارس محاولين أن يخففوا عنهم ولكن كيف السبيل لذلك ..دفنت مهرة وجهها فى صدر أم فارس تبكى وهى تستمع لكلام عزة وعبير عن ما حدث معهم هم أيضا فى بيوتهم قبل الفجر كل منهن تبكى دما بعد أن جف نبع دموعهن ..الناظر إليهن لا يعلم من يواسى من ومن يطمئن من ومن يربت على كتف من .. الجميع مكلومين فى أحبائهم كل منهن تحتاج إلى صدر حنون يضمها ويطمئنها على رفيق دربها
ولقد كانت مهرة هى ملهمتهم فى ذلك عندما ألقت نفسها بين أحضان أم فارس تبكيه وتخفف عنها فى نفس الوقت..كذلك فعلت عبير عندما ألقت نفسها فى حضڼ أم بلال وكذلك فعلت عزة وهى بين ذراعى أم عمرو وكأنهن بهذه الأحضان يتساندون ويشدوا أزر بعضهم البعض فالمفقود واحد .. ألتف حولهن بعض الجارات يستمعون لماساتهم محاولين التخفيف عنهن ومواساتهن ببعض كلمات الصبر ...بينما ذهب الرجال يبحثون عنهم فى كل الأقسام وبنايات أمن الدولة المبعثرة فى كل مكان وفى النهاية عادوا بخفى حنين ..لاشىء ..غير موجودين فى أى مكان بشكل رسمى
وقف والد عمرو على باب شقة أم فارس من الخارج هو وبعض الرجال وقال پغضب وهو يكاد يمنع نفسه من البكاء بصعوبة هاتفا
لفينا الاقسام كلها وروحنا كل مبنى بيقولوا عليه بتاع أمن الدولة.. وبرضة مفيش حس ولا خبر عنهم هما التلاتة هيكونوا ودوهم فين يعنى
رد والد عزة بحنق
للدرجة
متابعة القراءة