رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
خاسرا ولكنه لم يفقد روحه وأنما فقد حكمته وشرفه ولكن الفارس النبيل مازال بداخله يستصرخه أن يظل نبيلا حتى آخر رمق وإن زهقت روحه تحت راية نبلة وتذكر حديث النبى صل الله عليه وسلم
من ستر مؤمنا فى الدنيا ستره الله يوم القيامة
ولكن هل يستطيع ذلك !!
أشرقت شمس يوم الجمعة تتسلل بأشعتها الذهبية بين النوافذ والجدران مقتحمة الأبواب المغلقة لترى ما لا نستطيع أن نراه ثم تنسحب بهدوء بعد أن قد حملت بين طياتها الكثير والكثير ولكنها لن تفشى الأسرار فهى ليست من بنى البشر .
أعتدل وهو يشعر پألم فى كل خلجة من خلجاته مسح على رقبته التى شعر بها تؤلمه بشدة من اثر غفوته تلك نظر للداخل دون أن يتحرك لم يجد لها اثر وباب غرفة النوم مغلق فعلم أنها مازالت نائمة أو أنها تهرب من مواجهته مرة أخرى.
شرد ذهنه وهو يتذكر ليلة أمس عندما طلبت منه أن يحمل حقيبتها للداخل ففعل ثم تذكر جرأتها الشديدة فهى التى تقدمت إليه حتى أنها لم تدعه يتوضا ليصلى بها ركعتين فى بداية حياتهما الزوجية ولم تنتظره حتى يدخل حقيبته هو الآخر ليبدل ملابسه
عاد إلى الحمام ليتوضا مرة أخرى ليطفأ ما نشب فى صدره من غل وكره وشعور قوى بالأنتقام وما تبعه من وسوسة الشيطان بأن يثار لشرفه وېقتلها لتهدأ رجولته قليلا لما فعلته به توضا وعاد وقطرات المياة تتساقط من يديه وخصلات شعره التى تناثرت على جبينه
أنتهى من صلاته وتناول مصحف من مصاحف التفسير المرصوصة جنبا إلى جنب على أحد الأرفف وقبع بالمسجد يقرأ لعله يجد المرشد له فيما وقع فيه وهو يشعر أن سنوات عمره مضت هباءا منثورا مع تلك المرأة التى أحبها وخانته ولكن مع الاسف ليس لديه دليلا على خيانتها ېخاف أن تكون تعرضت فعلا للأغتصاب فيكون بذلك قد ظلمها وحاكمها بما ليس لها فيه شىء ووسط مشاعره المتلاطمة وقعت عيناه على الآية الكريمة فى سورة النور
ويرشده إلى الطريق .
أغمض فارس عينيه بقوة يحاول السيطرة على مشاعره المكلومة وقلبه المذبوح حاول أن يرتقى بنفسه وبصبره إلى اقصى درجة وتذكر وقتها أيام خطبته بدنيا وتذكر أنه علم الحلال والحرام ورغم ذلك استمرا في الحړام سنة كاملة وظل يغضب ربه من أجلها فجعلها الله عزوجل هى من تشق قلبه وتذبحه فكانت هذه النهاية الحتمية .
إذن فهو أحد المسؤلين عن ما يحدث له معها اليوم فلماذا يحاسبها وحدها لماذا لا يعاقب نفسه أيضا وهل سيختار عقاپا رادعا لنفسه أكثر منها !
خرج من المسجد وقد حسم أمره تماما واتضحت الرؤية أمام عينيه واتخذ قرارا نهائيا بشأنها عبر الطريق ووقف ينظر لمياه البحر الهادئة فى شرود شرد ذهنه بعيدا تماما عن دنيا فوجد نفسه كالمسحور يخرج هاتفه ويتصل بوالدته التى تعجبت واصابتها الدهشة عندما سمعت صوته فى الطرف الآخر وهو يسألها عن أحوالها وصحتها وهى تجيبه باختصار متعجبة إلى أن قال بتردد
متعرفيش يا ماما مهرة عاملة أيه النهاردة
أتسعت عيناها بعض الشىء وهى تقول بدهشة كبيرة
مهرة ! .. أنت سايب عروستك علشان تسأل على مهرة !
أرتبك أكثر وقال بتلعثم
وفيها أيه يا ماما ..أنا أمبارح سايبها وهى تعبانة .. أيه المشكلة انى أطمن عليها دلوقتى
ضيقت عينيها قليلا وهى تقول بأرتياب
هى مراتك فين يا فارس
شعر بغصة فى حلقة ومرارة على لسانه وهو يقول بصوت مخڼوق
فى البيت.. أنا نزلت اصلى الجمعة ولسه مطلعتش
ثم أردف بتصميم
مقولتليش يا ماما مهرة عاملة أيه دلوقتى
تنهدت فى عدم أرتياح ثم قالت
كويسة يابنى .. لسه نازلة من عندها من شوية وكانت كويسة
شعر أنه لن يأخذ منها أكثر من هذا وأنها مرتابة من سؤاله عنها من البداية فقرر أن يكتفى بما حصل عليه من معلومات أنهى المكالمة مع والدته ولكن قلبه لم يكن مطمئنا أبدا هناك شىء يخبره أنها ليست على ما يرام بحث فى هاتفه على رقم بلال وأتصل به ..لم يكن بلال أقل دهشة من والدته فى اتصال فارس به وسؤاله عن مهرة ولكنه أجاب
أنا عندها دلوقتى
أبتلع فارس ريقة من المفاجأة وقال بلهفة
ليه هى تعبت تانى
رفع بلال حاجبيه وهو يقول
لا أبدا فى دكتور صاحبى جبته يشوفها ..والدتها اتصلت بينا وقالت مبتكلمش ومبتردش على حد ومبتاكلش وبتعيط على طول ..طبعا انت عارف ان ده مش تخصصى
خفق قلب فارس بقوة وهو يجلس على أحد الصخور وقال
الدكتور قال أيه
بلال
لسه خارج اهو اقفل وانا هبقى أكلمك
هتف فارس على الفور
لالا متقفلش خالينى على الخط وقولى قالك ايه
نظر بلال إلى الهاتف بدهشة ثم أنزله للأسفل قليلا وهو يتحدث للطبيب الذى قال
حالة من حالات الاكتئاب البسيط وان شاء الله هتعدى مع الوقت بسرعة
ثم نظر الطبيب إلى الجميع وهو يقول
هو فى حد زعلها
قالت أم يحيى سريعا
هى بقالها كام يوم كده مش عارفة مالها.. أكلها قليل ومبتنامش كويس ومش مركزة
قال الطبيب متفهما
عموما فى سنها ده الحالة النفسية بتبقى متقلبة متقلقوش مع الوقت هتتحسن وترجع لطبيعتها انتوا بس متضغطوش عليها فحاجة .
وضع بلال الهاتف على أذنه مرة أخرى ليبلغ فارس بما قاله الطبيب أرهف فارس سمعه لكلام بلال ولكن أم يحيى قطعت عليه كلامه وهى تقول ل بلال بحرج
ممكن بعد أذنك أكلمه اباركله
تفاجأ فارس بكلام أم يحيى ولكنه وجدها فرصة مناسبة تماما فقال
ولا يهمك يا ست ام يحيى مانا كنت موجود وشايف بنفسى ...هو
متابعة القراءة